العرب أمة عاشت وسط السباع، والأحناش، والحشرات يرونها
ليلا ،ونهاراً وحين تأملوا أخلاق تلك البهائم ألفوها متفرقة
في أنواعها ثم رأوها مجتمعة في الإنسان الذي يجمع
إلى حرص الذئب حذر الغراب ،والى تدبير الذر كسب النمل
والى هداية الحمام حزم الحرباء..
ومن هنا بدأت الأمثال العربية حيث يضرب المثل للإنسان
بما يناسبه من أخلاق البهائم قالوا-فلان له جرأة الأسد
ووثوب النمر،وروغان الثعلب،وصولة الجمل،وغدر الذئب،وحفاظ الكلب
وعقوق الضب، وحماقة الضبع، وغباوة الديك، وتحنن الدجاجة، وبرّ الهر
واختطاف العقاب، وهو كدودة القز تعمل لغيرها، وتهلك نفسها،
وشره الخنزير ..فقالوا:يروغ عن الحق روغان الثعلب
يستسلم للعدو استسلام الضبع
ينام عن الحق نوم الفهد
يدبّ إلى الشر دبيب العقرب
دعا رجل لبعض الملوك فقال:جعل الله جرأتك جرأة ذباب
وقوّتك قوّة نمل،وكيدك كيد امرأة>
وكما أحصوا للبهيمة أكثر من خلق..أيضا أشتركوا في خلق واحد
بين بهائم مختلفة الأنواع فقالوا:
أحمق من رخمه،
وأحمق من حيارى،
وأحمق من ضبع..
أبصر من غراب، ومن عقاب، ومن نسر، ومن باز
ثم ضربوا بعض هذه الأمثال بالرجال فقالوا:
هو أكفر من حمار،
وأزني من قرد،
والوط من دب،
وأحمق من عجل
أبعد من نجم-"وهو اسم قد خصّ به الثريا دون سائر الكواكب
أبصر من فرس فالعرب تدعى لها حدة البصر بالليل فيقولون:
أبصر من فرس بيهماء في غلس
أبصر ليلاً من الوطواط وهو الخفاش
أبصر من زرقاء اليمامة
أبرد من عضرس-وهو الماء الجامد
أبرد من عبقر أو حبقر وتعني البرد
أبرد من جريباء—والجريباء اسم للشمال الباردة
أبخل من كلب..لأن الكلب إذا نال شيئاً لم يطمع فيه أحد فإن حاول هارشه
أبلغ من قس—يقصد به قس بن ساعده
أبطش من دسر_والدسر في كلام العرب الصلب الشديد
ودسر كتيبة من كتائب النعمان بن المنذر وهي كتيبة ذات بطش
وشدة
وسأحاول لاحقاً أن أوجز في هذا الموضوع لأهميته..